تلعب المحميات الطبيعية دورا مهما في النظام البيئي والتنوع البيولوجي للأرض، حيث يتم حماية الأراضي وإدارتها لأسباب بيئية مختلفة ويمكن تخصيصها لحماية وحفظ الحياة البرية، أو النباتات، أو الحيوانات، أو السمات الجيولوجية.
وتشكل البيئة البحريّة حوالي 90.5 % من إجمالي مساحة الأرض، والمياه التابعة لمملكة البحرين، كما إن هذه البيئة تضم بعضاً من أهم الموارد الإستراتيجية للمملكة؛ بالإضافة إلى الدور الهام الذي تؤديه لسكانها، ويقيم أكثر من 90 % من سكان البحرين حول السواحل التي يزيد طولها على 510 كم.
وتعتبر الثروة السمكية مصدر البروتين الأهم الذي ينتج بشكل كامل في المملكة، وإحدى ركائز أمنها الغذائي، فضلا عن أن الكثير من سكان المملكة يعتمدون بشكل أساسي على مهنة صيد الأسماك، والمهن ذات العلاقة.
كما تعتبر مياه البحر بعد تحليتها مصدرا مهما لمياه الشرب في المملكة، وأساسا مهما لأمنها المائي، وهذا يعكس أهمية البيئة البحرية في مملكة البحرين، وضرورة المحافظة على مواردها الطبيعية.
وتضم البيئة البحرية في مملكة البحرين قسمين رئيسين هما البيئات الساحلية (المد جزرية)، والبيئات البحرية (المغمورة)، وتتفرع البيئات الساحلية الى عدة أنظمة مميزة منها: المسطحات – المستنقعات – الطينية، الشواطئ الصخرية، الشواطئ الرملية، المستنقعات الملحية، ومستنقعات القرم.
أما البيئات البحرية المغمورة فتتفرع للاتي: الشعاب المرجانية الحية، مجمعات الصخور المرجانية، مهاد محار اللؤلؤ، مهاد الحشائش البحرية، مهاد الطحالب البحرية، القاع الطيني، القاع الرملي، والقاع الصخري.
وامتازت مملكة البحرين منذ القدم باتساع رقعة المساحات الخضراء من أشجار النخيل ونباتات البرسيم، والتي امتدت لتشمل أغلب المناطق الساحلية منها.
وتعد مزارع النخيل من أهم النظم البيئية المنتشرة في اليابسة، وأكثرها تنوّعاً، وتشمل أنواعا محلية وأخرى مستوردة، وتحتوي هذه البيئة على أنواع عديدة من النباتات الوعائية، والتي تعتبر ملاذا آمنا لعدد من الطيور المقيمة والمهاجرة، إلى جانب الحشرات، والعناكب والكثير من أوجه التنوع الحيوي المرتبطة بهذا النوع من الأنظمة الحيوية.
وتعتبر البيئة الصحراوية والتي تغطي مساحات شاسعة من جنوب البحرين، بيئات زاخرة بالحياة النباتية خصوصا في فصل الربيع، وبعد تساقط الأمطار، وتتكاثر فيها أنواع عديدة من النباتات الحولية المقاومة للجفاف، ونتيجة للنمو العمراني السريع فإن هذه البيئة عرضة للتغيّرات.
توّجت جهود المجلس الأعلى للبيئة في مجال حماية البيئة سواء البريّة أو البحريّة منها، في إعلان عدة مناطق محميّة في المملكة من خلال المراسيم والقرارات الوزارية بهدف المحافظة على الحياة الفطرية، والتنوع الحيوي من الأنشطة المؤثرة عليها.
وأنشئت محميّة العرين في العام 1976, وتبلغ مساحتها 35,4 كيلومتر مربع، وتعتبر أول مشروع من نوعه في المنطقة، وتهدف إلى المحافظة على الكائنات الفطرية العربية النادرة، والمهددة بالانقراض.
وتتكوّن من جزأين، الأول مخصص للحفاظ على الحياة الفطرية في البحرين الخاصة بالبيئة الصحراوية، وهي محميّة طبيعية لا يسمح بالدخول إليها إلا للاختصاصيين ذوي الصلة بالبحث العلمي في هذا المجال، وتشمل مجال الحماية جميع أنواع الكائنات المميّزة لبيئة البحرين الصحراوية من حيوان ونبات، وفي مقدماتها حيوان المها العربي، وغزال الريم البحريني، ونبات المرخ.
أما الجزء الثاني منها فهي الحديقة، وتعنى بالحفاظ والإكثار من أنواع الحيوانات، والنباتات العربية بشكل خاص، ويسمح فيها بالزيارات الجماعية والفردية على أن تكون في صحبة مرشدين مؤهلين لهذا الغرض.
أما جزر حوار فصدر قرار مجلس الوزراء رقم (16) لسنة 1996 بشأن اعتبار جزر حوار والبحر الإقليمي المحيط بها منطقة محميّة وفقًا لأحكام المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية، ثم صُدر القرار الوزاري رقم (6) للعام نفسه والذي شكل لجنة وطنية لتفعيل وإدارة محميّة جزر حوار، التي تبلغ مساحتها قرابة الـ 340.04 كم2.
وتشكل جزر حوار أرخبيلا من 16 جزيرة صحراوية، ويصل أقصى طول لجزيرة حوار نحو 17 كيلومترا، وأقصى عرض نحو 3 كيلومترات، وأقصى ارتفاع نحو 19 مترا.
وتكمن أهمية جزر حوار في كونها من الأماكن القليلة التي لم يمتد لها بشكل كبير الزحف العمراني، ولهذا فهي تتميّز ببيئتها البكر والتي تتصف بجمالها، وصفائها، وتوزيعها الجغرافي الطبيعي، وكائناتها الفطرية الفريدة.
ونظرا لبعد جزر حوار الجغرافي، ومرتفعاتها المختلفة المنتشرة في الجزر، فإنها استقطبت أنواعا كثيرة من الطيور التي تعيش وتتكاثر في أوقات مختلفة.
وقد تم تسجيل أكبر مستعمرة في الشرق الأوسط لما يعرف محليا بطائر “اللوه” أو غراب البحر السوقطري (Socotra cormorant)، ووصلت أعداد هذا الطائر إلى قرابة الـ 25 ألف زوج، وتشير إحدى الدراسات إلى أن هذه الأعداد تمثل ما بين 20-25 % من إجمالي أعداد هذا الطائر على المستوى الدولي، مما يؤكد الأهمية الدولية لهذه الجزر، وتتخذ بعض الطيور الفريدة مثل العقاب النساري أو الشماط (Pandion haliaetus) جزر حوار ملاذاً آمناً لها.
كما يتكاثر في جزر حوار عقاب السمك النسارية ويتخذ من مرتفعات جزر حوار مسكنا له، إلى جانب صقر الغروب (Falcon concolor) وهو من الطيور النادرة والمهددة بالانقراض الذي يتخذ من جزر حوار ملاذاً له للتفريخ والتعشيش، وتضم المياه الإقليمية المحيطة بجزر حوار أحد أكبر قطعان بقر البحر في العالم.
وقد تم إعلان محميّة جزر حوار كإحدى المحميّات المدرجة ضمن قائمة المحميّات الطبيعية في اتفاقية (رامسار) التي صادقت عليها مملكة البحرين في العام 1997.
أما جزيرة مشتان فأعلنت كمحميّة طبيعية وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم (1) لسنة 2002، والذي سبقه القرار الوزاري رقم (1) لسنة 2000.
وعلى الرغم من صغر مساحتها التي تبلغ 0.02 كيلومتر مربع، إلا أن الجزيرة نفسها، والمنطقة البحريّة المحيطة بها مهمّة بالنسبة للتنوّع الحيوي في البحرين، حيث توجد في المناطق المجاورة للجزيرة العديد من النباتات البحريّة الهامة، وقد تم التعرف على سبعة أنواع مختلفة منها.
يذكر أن المنطقة تحتضن الكثير من الكائنات البحريّة ذات المردود الاقتصادي المباشر، وتوجد على الجزيرة بعض النباتات البريّة التي تتحمل ملوحة عالية مثل الخريسي، الخريز، والشنة، وهي تعتبر جزءاً مهماً من التراث الفطري النباتي للمملكة، كما تعرف الجزيرة بتواجد بعض الطيور عليها مثل غراب البحر السوقطري (اللوه).
أما منطقة دوحة عراد فتم إعلانها محميّة بحريّة طبيعية حسب القرار الوزاري رقم (4) لسنة 2003، وتبلغ مساحتها 0.44 كيلومتر مربع.
وتحتوي على بيئات المد والجزر التي تعيش بها كائنات حية مهمة تساهم بصورة فعالة في النظام البيئي البحري، وفصائل متعددة من الطيور المائية المقيمة والمهاجرة في البحيرة، والمحميّة حاضنة طبيعية لصغار الأسماك، العوالق، والطحالب البحريّة التي تنعش مخزونها حركة المد والجزر القادمة من منفذ الجسر المؤدي إلى البحر.
وتعتبر دوحة عراد واحدة من أهم محميّات أشجار القرم الساحلية في البحرين، وتم استزراع أشجار القرم فيها بترتيب مدروس من قبل إدارة الثروة السمكية لتعزّز من تماسك التربة وتوفّر الملاذ الآمن لصغار الأسماك، ويعيش في رمال هذه المحميّة البحريّة الملايين من الكائنات الحية الصغيرة والدقيقة المهمّة في البيئة البحريّة.
ونظرا لأهمية هذه البيئة البحريّة، فقد تم إنشاء متنزّه سياحي في محميّة دوحة عراد تم افتتاحه في العام 2010.
وأعلن خليج توبلي كمحمية طبيعية ضمن قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (1341) الصادر في 16 أبريل 1995، ثم تلا ذلك القرار الوزاري رقم (1) لسنة 1995 بشأن منع الاستصلاح وإعادة الإعمار في خليج توبلي، حيث تم تنظيم الاستصلاح، والبناء وفق مجموعة من الشروط، وفي نهاية عام 2006، تم الإعلان عن باقي خليج توبلي كمحمية طبيعية بشكل كامل.
ويعتبر خليج شبه محصور يتميز بتيارات هادئة وملوحة منخفضة جزئيًا، ويضم الخليج تنوعا ملحوظا في الموائل الساحلية، والبحرية.
ويمتاز خليج توبلي بتوزيع فريد للسهول الطينية والتي تتميز بإنتاجية أولية عالية توفر مناطق تغذية وتكاثر قيّمة لمجموعة متنوعة من الطيور البحرية المقيمة والمهاجرة (حوالي 45 نوعًا).
ويعرف خليج توبلي بتنوع البيئات الحيوية فيه، ويحتوي على شجر القرم الأسودAvicennia marina))، الموجود بشكل طبيعي فقط في خليج توبلي (رأس سند).
وتوفر محمية خليج توبلي ملاذا مهما للعديد من الطيور المهاجرة، خاصة في الربيع والخريف وفي العام 2018 تم رصد قرابة الـ 26,404 طير في خليج توبلي، بالإضافة إلى مستنقعات القرم، والسهول الطينية، هناك شواطئ صخرية فريدة في خليج توبلي. علاوة على ذلك، يمثل الخليج منطقة حضانة ذات أهمية استثنائية لأغلب الأسماك التجارية، والروبيان كما أنه يأوي مجموعة متنوعة من الكائنات الحية البحرية.
يذكر أن محمية خليج توبلي أعلنت كمحمية ضمن المواقع المدرجة في اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية (RAMSAR) في العام 1997.
وتم إعلان نجوة بولثامة كمحمية طبيعية بموجب القرار الوزاري رقم (2) لسنة 2017، وتعتبر أحد أهم موائل الشعاب المرجانية في مملكة البحرين والتي تمتاز بقاع صخري مغمور بالماء، الأمر الذي يجعل نجوة بولثامة غنية بالكائنات الحية البحرية؛ كالطحالب، الإسفنج، وشقائق النعمان.
وتتميز باحتضانها لأعلى نسبة شعاب مرجانية صلبة في البحرين، كما تحوي أيضًا على أنواع من المرجان الرخو، المحار، ومظاهر تنوع حيوي أخرى فريدة من نوعها.
وتم إعلان منطقة الهيرات كمحمية طبيعية بموجب القرار الوزاري رقم (3) لسنة 2017، هذا وتحاط الهيرات الشمالية بمنطقة حماية إضافية يصل عرضها الى خمس كيلومترات تسمى “Buffer Zone”.
وتتكون منطقة الهيرات الشمالية بشكل أساسي من ثلاث هيرات وهي كالتالي: هير بولثامة، هير شتية، وهير بوعمامة، إلى جانب الحزام الحاجز والذي يحيط هذه الهيرات.
وأعلنت منطقة الهيرات كموقع تراث عالمي لليونسكو في العام 2012 وتغطي مجتمعة مساحة بحرية إجمالية تساوي 1347.2 كيلومتر مربع (هير بولثامة 58.7 كيلومتر مربع، هير شتية 274.2 كيلومتر مربع، هير بوعمامة 48.6 كيلومتر مربع، والحزام الحاجز 965.7 كيلومتر مربع).
ويحوي هير بولثامة على عدة أنواع من الشعاب المرجانية، والمحار، في حين يعتبر هير شتية ذا قيمة بيئية عالية حيث إنه يحتوي على تنوع حيوي عالٍ وموائل وأنواع نادرة قادرة على الصمود.
أما هير بوعمامة يزدهر بنسبة تعتبر من النسب الأعلى في العالم من حيث كثافة المحار والذي يعتبر يحمل قيمة تراثية و ثقافية و تاريخيًة عالية خصوصاً في مملكة البحرين.
وقد وافق مجلس النواب على مشروع بقانون يقضي بوضع تنظيم قانوني يصنف منطقتي فشت الجارم وفشت العظم محميتين طبيعيتين من الفئة الثانية (منتزه وطني) حسب التصنيف الدولي للمحميات الطبيعية.